لا يعرف على وجه اليقين شكل الحياة في تلك المنطقة التي أصبحت فيما بعد
تُعرف بفلسطين ، إلا أن أقدم الاكتشافات الأثرية التي عُثر عليها في جبل
القفرة جنوبي الناصرة وسفح الرمل قرب طبريا..
لا
يعرف على وجه اليقين شكل الحياة في تلك المنطقة التي أصبحت فيما بعد تُعرف
بفلسطين ، إلا أن أقدم الاكتشافات الأثرية التي عُثر عليها في جبل القفرة
جنوبي الناصرة وسفح الرمل قرب طبريا ، والتي تعود إلى الفترة بين عامي
7500 و 3100 ق .م ، تؤكد أن تلك المنطقة شهدت نوعًا من الحياة البسيطة ،
وكان أهم حدث شهدته هو تأسيس مدينة أريحا التي يعتبرها المؤرخون أقدم بلدة
في التاريخ ، وقد وجدت آثار لها قرب بلدة عين السلطان ، وفي أواخر الألف
الرابعة قبل الميلاد بدأ سكان المنطقة يتعرفون على النحاس ويستخدمونه في
بعض الصناعات البدائية ، ولذا أطلق المؤرخون على تلك الفترة العصر الحجري
النحاسي.
هجرة الكنعانيينبدأت
أولى الهجرات البشرية المهمة إلى فلسطين في بداية الألف الثالثة قبل
الميلاد ، وهي هجرة الكنعانيين الذين عُرفوا باسم الأماكن التي نزلوا فيها
، وبعد فترة أصبحت هناك ثلاث لغات : الكنعانية ، والآرامية ؛ لغة المسيح
عليه السلام ، والعربية ، وظلت فلسطين تسمى أرض كنعان حتى عام 1200ق .م
حينما غزتها القبائل الكريتية.
هجرة إبراهيم عليه السلامفي
الألف الثالثة قبل الميلاد هاجر إبراهيم عليه السلام من بلدة أور في
العراق إلى فلسطين ، وهناك أنجب إسحاق والد يعقوب الذي يسمى كذلك إسرائيل
وإليه ينتسب الإسرائيليون.
الإمبراطورية المصريةفي
تلك الفترة كانت فلسطين جزءًا من الإمبراطورية المصرية ، كما كانت عمليات
التبادل التجاري نشيطة بينهما ، وهو ما دلت عليه رسائل تل العمارنة التي
اكتشفت في صعيد مصر.
اسم فلسطينشهدت
فلسطين سلسلة من الغزوات قامت بها القبائل الكريتية التي استقرت في شواطىء
يافا وغزة ، فسميت تلك المنطقة فلسطين نسبة إلى اسم القبيلة الكريتية
الغازية التي اندمجت مع الكنعانيين سكان البلاد الأصليين ، وأُطلقَ اسم
فلسطين على جميع الأراضي الساحلية والداخلية التي كان يسكنها الكنعانيون ،
ومع الزمن غلب العنصر الكنعاني وأصبح أهل البلاد كلهم من الكنعانيين العرب.
الإسرائيليون
وبسبب
المجاعة التي اجتاحت فلسطين ، هاجر أبناء يعقوب عليه السلام إلى مصر طلبًا
للتجارة حيث كان ابنه النبي يوسف عليه السلام قائمًا على خزائنها ، وهي
قصة فصلها القرآن الكريم في سورة يوسف . واستقر الإسرائيليون في مصر وكثر
عددهم ، ولكنهم بدؤوا يتعرضون للاضطهاد على يد رمسيس الثاني فقرر موسى
عليه السلام الخروج بهم إلى أرض كنعان ، هذه القصة وردت في القرآن الكريم
في مواضع كثيرة ، ومكث بنو إسرائيل في الصحراء أربعين سنة قبل أن يتمكنوا
من دخول فلسطين بعد موت موسى عليه السلام في عهد النبي يوشع ، وتمكن داود
عليه السلام من إقامة مملكة بني إسرائيل في القدس بعدما انتصر قوم موسى
ويعقوب وداود على جالوت.
داود ( عليه السلام )
تولى
داود عليه السلام المُلك ونجح في توحيد الإسرائيليين مرة أخرى ، وقضى على
الخلافات والحروب التي كانت بينهم ، واستطاع هزيمة اليبوسيين وتأسيس مملكة
إسرائيل ، واتخذ أورشليم (القدس) عاصمة لمملكته ، وبعد موت سليمان بن داود
عليهما السلام عام 935 ق.م انقسمت المملكة على نفسها فقامت يهوذا في القدس
ومملكة إسرائيل في السامرة ، ونشبت الخلافات والحروب بين المملكتين
واستعانت كل منهما بملوك مصر أو آشور ضد الأخرى ، مما أضعفهما معًا وأضعف
سلطتهما على السكان فعادت الاضطرابات مرة أخرى.
زوال مملكتي يهودا والسامرةهاجم
شيشنق ملك مصر مملكة يهودا عام 920 ق.م واحتلها لتصبح منذ ذلك الحين تابعة
للدولة المصرية ، وفي عام 721 ق.م هاجم الآشوريون مملكتي إسرائيل ويهوذا
واحتلوهما وفرضوا الجزية عليهما ، وقد حاولت مملكة إسرائيل التمرد لكن
الآشوريين قمعوا تمردها قوة وأخذوا معظم سكانها إلى العراق.
نبوخذ نصرشن
نبوخذ نصر الكلداني هجومًا على فلسطين عام 597 ق.م واستولى على القدس
عاصمة يهوذا وأخذ ملكها وعائلته ومعظم قادتها أسرى إلى العراق وأقام في
القدس ملكًا جديدًا . وفي عام 586 ق.م حاول بقايا اليهود التمرد على سلطان
بابل في فلسطين فعاد نبوخذ نصر وغزاها من جديد ، في هذه المرة دمر القدس
وعادت فلسطين كنعانية عربية تابعة للعراق واستقبل هجرات العرب من سوريا
والجزيرة العربية . وبسبب غزوات الآشوريين والكلدانيين اختفت دولة اليهود
في فلسطين بعد أن عاشت أربعة قرون ( 1000 - 586 ق.م ) كانت حافلة
بالخلافات والحروب والاضطرابات . وتعتبر تلك الفترة من أهم فترات التاريخ
الفلسطيني ، حيث استند إليها اليهود في ادعائهم بأحقيتهم في العودة إلى
فلسطين التي سموها أرض الميعاد.
فلسطين تحت الاحتلال الفارسيغزا
الفرس فلسطين عام 539ق . م واحتلوها بعد أن احتلوا بابل ، وظلت فلسطين
تابعة للدولة الفارسية طوال قرنين من الزمان ، وفي عهدهم عادت بقايا قبيلة
يهوذا من بقايا البابليين إلى القدس.
فلسطين تحت الاحتلال اليوناني
يعتبر
انتصار الإسكندر الأكبر على الفرس من أهم أحداث القرن الرابع قبل الميلاد
، حيث استولى على سوريا وغزة والقدس وضمها إلى الإمبراطورية اليونانية عام
332 ق.م ، وبعد وفاته انقسمت إمبراطوريته بين قادته ، فكانت فلسطين تحت
سيطرة القائد أنتيخوس الذي هزمه البطالمة في غزة عام 321 ق. م ، وأصبحت
منذ ذلك الحين خاضعة لحكم أنتيخوس الثالث في سوريا عام 198 ق.م وظلت
فلسطين منذ تلك الفترة تعيش حالة من الحروب والقلاقل في ظل العديد من
الدول مثل المكابيين والعرب الأنباط عام 90 ق. م ، وظلت تابعة لعاصمتهم "
البتراء " حتى احتلها الرومان.
فلسطين تحت الاحتلال الرومانياحتل
الرومان فلسطين وجعلوها ولاية رومانية تابعة لروما أولاً ، ثم بيزنطة إلى
منتصف القرن السابع الميلادي حينما فتحها المسلمون العرب فأصبحت جزءاً من
الدولة العربية . وخلال فترة الحكم الروماني شهدت فلسطين ميلاد السيد
المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ، إلا أن اليهود وشوا به للحاكم الروماني
عام 37 واتهموه بالكفر وما تلا ذلك من قصة الصلب على اختلاف تفاصيلها في
العقيدتين الإسلامية والمسيحية.
تمرد يهودي
حاول
اليهود استغلال الحرية الدينية التي مُنحت لهم في القدس منذ عودتهم من
الأسر البابلي في السعي لإقامة دولة خاصة بهم إلا أن الحاكم الروماني
بمساعدة سكان البلاد العرب شن هجومًا عليهم عام 71 واحتل القدس وقتل عددًا
كبيرًا من اليهود قبل فرارهم إلى سوريا ومصر والبلدان العربية الأخرى.
هارديانكانت
آخر محاولة لإقامة دولة يهودية في فلسطين عام 135م عندما تزعم أحد
الحاخامات اليهود عصيانًا ، فهاجمهم الحاكم الروماني هارديان واحتل
المنطقة اليهودية في القدس ودمرها ، وبنى في ذلك المكان مدينة جديدة حرم
على اليهود دخولها . بعد تلك الواقعة لم يحاول اليهود إثارة أي قلاقل في
فلسطين حتى مجيء القرن العشرين الذي شهدَ في منتصفه قيام دولة إسرائيل بعد
ما يزيد على ألفي عام منذ زوال دولتهم عام 586 ق . م على يد نبوخذ نصر.
الفتح الإسلامي لفلسطينأرسل
الخليفة أبو بكر الصديق عدة جيوش سنة 633م لفتح بلاد الشام بقيادة عمرو بن
العاص ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وأبي عبيدة بن الجراح ، فهزم
يزيد الروم في وادي عربية جنوب البحر الميت وتعقبهم حتى غزة في عام 634م.
أجنادينوأحرز
عمرو بن العاص انتصارات كبيرة على الروم في معركة أجنادين عام 634م ، وفتح
فحل وبيسان واللد ويافا ، وحينما تولى ثيودورويس أخو الإمبراطور الروماني
هرقل قيادة الجيش الروماني أمر أبو بكر الصديق قائده خالد بن الوليد
بالتوجه من العراق إلى فلسطين.
اليرموك
توفي
الخليفة أبو بكر الصديق وتولى الخلافة من بعده عمر بن الخطاب ، فأمر
الجيوش الإسلامية الموجودة في فلسطين بمواصلة القتال لاستكمال الفتح ،
وأمر خالد بن الوليد بتوحيد الجيوش الإسلامية في جيش واحد ، واشتبك خالد
مع الروم
في معركة اليرموك التي شكل نصر المسلمين فيها لحظة حاسمة في تاريخ فلسطين ، إذ تم فيها طرد الرومان منها.
زيارة عمر
اشترط
البطريرك صفرونيوس أن يتسلم الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه
بنفسه مدينة القدس التي كانت تسمى آنذاك " إيلياء " فحضر عمر إلى فلسطين
وكتب للمسيحيين عهدًا أمّنهم فيه على كنائسهم وصلبانهم ، واشترط فيه ألا
يسكن أحد من اليهود تلك المدينة المقدسة . ومذ ذلك الحين تدفقت القبائل
العربية من سوريا والحجاز ونجد واليمن وسكنت الأراضي الفلسطينية التي أصبح
معظم أهلها مسلمين ، وأصبحت اللغة العربية هي اللغة السائدة.